اختتمت في العاصمة اللبنانية بيروت يوم أمس الأربعاء 2015/5/27 فعاليات المؤتمر السادس لرجال الأعمال العرب والصينيين والدورة الرابعة لمنتدى الاستثمار، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سلام تمام في فندق فينيسيا، الذي أكد بدوره في كلمته الافتتاحية بأن الحكمة سوف تنتصر على عوامل التطرف والتقاتل، وأن الاعتدال والتوافق والانسجام ستغلب العدوانية والعنف. وهذا هو السبيل العقلاني الوحيد لتحقيق مصالح الجميع، والمسار الوحيد المؤدي إلى السلام الذي تشكل مبادرة طريق الحرير دعامة أساسية. مبيناً بأن الرؤية التي طرحها الرئيس الصيني والقيادة الصينية، تقوم على فكرة التقاء المصالح، التي تجمع الدول المنتشرة على طول طريق الحرير، في إطار من التعاون الشامل الذي يخدم مصالح الجميع. التي توقع بأن تحقق منفعة كبيرة، ليس فقط في مجال تنمية التجارة، بل أيضا في تعزيز القطاعات الصناعية وتعزيز التعاون المالي، فضلا عن تحسين الترابط والتواصل الاقليمي، من خلال تحسين البنى التحتية والنقل، وتسهيل الاستثمار ومعاملات التخليص الجمركي. وهذه الأمور من شأنها أن تؤدي في النهاية، إلى ربط المنتجين بالأسواق في مناطق شاسعة من العالم”.
من جهته بين معالي السيد حمدي الطباع في كلمته بأنه من المتوقع أن تتجاوز الاستثمارات الصينية في الخارج 500 مليار دولار في غضون الخمسة اعوام القادمة، وان مجتمع الأعمال العربي يتطلع الى ان توجه هذه الاستثمارات الى الدول العربية، في ظل وصول الاستثمارات العربية في الصين إلى 13.2 مليار دولار نهاية عام 2011 فيما وصلت الاستثمارات الصينية إلى 68.5 مليار دولار في عام 2014 تتركز في الدول الغنية بالنفط والغاز الطبيعي وهناك فرصا مواتية لتشجيع الاستثمار بين الجانبين ولا سيما في مساهمة الجانب الصيني في إعادة الإقتصادات العربية، والمشاركة في مشاريع البنية التحتية، هذا بالإضافة إلى الطاقة النووية والطاقة المتجددة والطاقة الحيوية. كما بين إن افاق التعاون العربي الصيني واسعة تشمل جميع القطاعات الانتاجية والخدمية ومنها جانب السياحة والبيئة والتدريب المهني والتعليم العالي وتكنولوجيا المعلومات وكذلك الرعاية الصحية، فالدول العربية غنية بالموارد البشرية والمالية والجانب الصيني يزخر بالكفاءات والخبرات المتميزة والتكنولوجيا المتقدمة فالصين بوابة الشرق والعالم العربي بوابتها الى الغرب. كما شدد على ضرورة الاسراع بعمليات تمويل البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية نظرا للحاجة الماسة في الدول العربية لتوفير التمويل اللازم لمشاريع البنى التحتية الضخمة التي تحتاجها وفي هذه المرحلة بالذات وقد اثرت الاضطرابات التي تسود بعض الدول العربية على بناها التحتية نظراً لوجود حاجة ماسة لتطوير مصادر الطاقة لتوليد الكهرباء وتوفير المياه اللازمة للزراعة والشرب والدول العربية تفتقر الى شبكة نقل بري وبحري وسككي تربط الشمال بالجنوب والمشرق العربي بغربه وبالتالي تيسير ربط الدول العربية مع دول الشرق الاسيوي ، يبقى الموضوع الهام الى جانب توفير التمويل للبنى التحتية هو توفير الخبرة والمعرفة والمساعدات الفنية والمشورة واتاحة المجال للقطاع الخاص للاستفادة من خدمات البنك والمشاركة في تنفيذ هذه المشاريع . فاننا ندعو شركاءنا في الصين لان تكون الية الاقراض تتمتع بالشفافية وبشروط ميسرة والاستفادة من خدمات البنك واتاحة المجال للقطاع الخاص للاستفادة من هذه الخدمات من خلال استحداث نافذة تمويلية للقطاع الخاص ، ومن جانب آخر، لا بد من تكثيف التعاون المصرفي بين الجانبين والتعامل بالصيرفة الإسلامية لدى المصارف الصينية وإتباع الآليات الحديثة في التمويل المشترك للمشروعات العربية.
وركزت كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، التي ألقاها نيابة عنه مدير إدارة العلاقات الاقتصادية الدكتور ثامر العاني، على الأهمية التي تمثلها مبادرة “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير”، لافتا إلى أن “هذه المبادرة جاءت لتعميق التعاون الاقتصادي بين الدول المطلة على حزام الطريق”، لافتا إلى أن “تجسيد روح طريق الحرير يمثل تعزيز الاستفادة المتبادلة بين الحضارات ويعكس حق الآخرين في اختيار طريقهم في الحياة، ويصمم أيضا على التعاون والكسب المشترك والمناشدة إلى الحوار والسلام”.
وخلال جلسة متخصصة حول تعزيز وتوثيق التعاون الاستثماري بين العالم العربي والصين، ترأسها معالي السيد ثابت الطاهر أمين عام اتحاد رجال الأعمال العرب أكد خلالها على ضرورة متابعة توصيات منتديات الاستثمار فيما بين الطرفين لاعطاء الثقة في لقاءات واجتماعات المؤتمرين خلال فترة العقد الماضي، مبيناً على ضرورة تبني تلك التوصيات لرفع مستوى نقل المعرفة وتطوير قطاعات حيوية مثل تكنولوجيا الطاقة المتجددة والثورة الرقمية الهائلة للصين في مجال الاتصالات ونقل المعلومات، تكنولوجيا الزراعة والغذاء على اعتبار أن الأمن الغذائي هو ركيزة استقرار المجتمعات والتكتلات. وقد تحدث في تلك الجلسة الدكتور شادي كرم المستشار الاقتصادي رئيس الوزراء اللبناني والأمناء العاميين للمنظمة العربية للتنمية الزراعية والمنظمة العربية لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
وقد شدد المشاركين من الجانب العربي الذين بلغوا ما يقارب (200) رجل أعمال عربي حيث كان الوفد الأردني من أكبر الوفود المشاركة من جمعية رجال الأعمال الأردنيين وغرف التجارة والصناعة الأردنية، على ضرورة قيام الصين بزيادة استثماراتها الحقيقية في الدول العربية ونقل الصناعات الصينية إلى وفقاً لحاجات العالم العربي وفقاً لوجود مصادر المواد الخام اللازمة لتلك الصناعات بدلاً من نقلها وتصديرها إلى الصين وإعادة استيرادها مرة أخرى دون أن تحقق الفائدة المرجوة من الاستثمار والاعتماد فقط على التجارة البينية العربية الصينية، كما طالب المشاركون بإنشاء جامعات صينية في عدد من دول العالم العربي.
ونجح المؤتمر في تحقيق الأهداف المرجوة منهم بتنظيم عالي المستوى من جامعة الدول العربية واتحاد رجال الأعمال العرب والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، كما حقق عدد من رجال الأعمال العرب والصينيين اتفاقيات تجارية خلال اللقاءات الثننائية التي عقدت فيما بينهم في عدد من القطاعات التنموية والحيوية.
وتوصل المشاركون إلى رؤى مشتركة واسعة النطاق، واتفقوا على إقامة قنوات متعددة المستويات للتبادل والتعاون بين الشركات. وثمّن الجانبان الصيني والعربي عاليا النمو المستمر الذي حققه التبادل التجاري بين الصين والدول العربية في عام 2014، رغم التحديات العالمية والإقليمية. وأكدوا على أهمية بذل الجهود المشتركة من أجل تعزيز الشراكة التجارية والاقتصادية الصينية العربية بهدف بناء حزام اقتصاديلطريق الحرير الجديد، مشيدين بهذه المبادرة التي ستحيي طريق الحرير القديم وتنقله الى مستوى حداثة القرن الحادي والعشرين على المستويين البري والبحري.واعتبروا أن ذلك سيعزز التجارة والتعاون الاقتصادي، ويفتح أبعادا وآفاقا جديدة بين الصين وجميع دول العالم على طول مدى شبكات التواصل التي يتضمنها هذا المشروع العملاق، وبالأخص بين الصين والعالم العربي. كما دعوا الى تعزيز الاستثمارات في المشروعات التي يتضمنها، بما فيه الشبكات المترامية من السكك الحديدية، والطرق البرية السريعة، والطرق البحرية، وخطوط أنابيب النفط والغاز، والشبكات الكهربائية، وشبكات الإنترنت، وغيرها من البنى التحتية الرابطة عبر وسط وغرب وجنوب آسيا.
وأكدوا التزامهم بطريق الحرير الجديد الذي ينتظر أن تندفع وتتطور معه العلاقات الاستراتيجية بين الصين والعالم العربي الى مستويات تاريخية جديدة ، ومن شأنها أن تنعكس على الجميع زيادات غير مسبوقة في معدلات النمو، كما ستخلق إمكانيات لا متناهية من فرص العمل الجديدة.
وشددوا على بذل الجهود لتذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه التعاون التجاري والاستثماري، داعين الى تقديم التسهيلات اللازمة للقطاع الخاص العربي والصيني. كما أشادوا بالجهود الرسمية المشتركة التي نجحت في إنجاز مجموعة من الاتفاقيات بين الدول العربية والصينخلال العامين الماضيين، وكذلك بانضمام عدد من الدول العربية الى البنك الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية.
واتفق الجانبان على ضرورة زيادة التعاون في المجالات التالية: لوجستيات النقل البري والسككي والبحري والجوي، التجارة، الصناعة، الزراعة والأمن الغذائي، المصارف، السياحة، الطاقة والطاقة المتجددة، والبنى التحتية.
كما اتفقوا على تعزيز التعاون في مجال تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، ولاسيما دعم البنية التحتية للاتصالات، وإقامة شراكة فاعلة للاستثمار المشترك، مع إنشاء صندوق للدعم، والتعاون في مجال التجارة والمصادقة الإلكترونية والبحث والتطوير، وإقامة سوق افتراضي عربي – صيني.
وكذلك أكدوا على ضرورة الإسراع بالمفاوضات بشأن إقامة منطقة تجارة حرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة، تمهيدا لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدول العربية والصين، وذلك تسهيلا لتنقل السلع بين الدول العربية والصين ولتوفير المزيد من الفرص التجارية للشركات لدى الجانبين. كما أكدوا على تشجيع إقامة فعاليات دعم التجارة والاستثمار والمعارض والندوات وحشد المشاركة فيها، وإقامة قنوات متعددة المستويات للتبادل والتعاون وتبادل التجارب بين الشركات، بما يساهم في توفير فرص العملودفع عجلة التنمية.
ودعوا إلى وضع أسس التعاون الاستراتيجي في المجال الزراعي، بهدف تشجيع الاستثمار المتبادل والمشترك والتجارة المتبادلة، ولإنشاء شركات مشتركة في المجالات الحيوية للأمن الغذائي، وإنشاء المناطق الزراعية الخاصة الحرة، وتقديم التسهيلات لتبادل المنتجات لكل من الجانبين، مع توفير آلية مشتركة للتمويل، إلى جانب التعاون في البحوث ونقل التكنولوجيا لتطوير وتبادل الأصناف وتنمية الموارد المائية والسمكية، ولتنمية الطاقات البشرية، وتطوير البنى التحتية الريفية، وتنظيم الزيارات المتبادلة وعقد اللقاءات، وإقامة برامج مشتركة في تنمية الأرياف والحد من الفقر وتعزيز دور المرأة الريفية، وتحسين نظم إدارة الموارد.
كما اتفق الجانبان على عقد الدورة السابعة لمؤتمر رجال الأعمال والدورة الخامسة لندوة الاستثمار لمنتدى التعاون العربي الصيني في الصين في عام 2017.