
ثمن حمدي الطباع، رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب، إقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي في جامعة الدول العربية لحزمة من التوصيات القطاعية، والتي تمثل رؤية مستقبلية للسياسات الاقتصادية المثلى للتعافي والإزدهار ما بعد الجائحة التي ألمت بالعالم، وذلك ضمن جدول أعمال مؤتمر القادة العرب على مستوى القمة في دورته العادية (31)، والمنوي عقدها مطلع شهر تشرين الثاني من العام الحالي في الجزائر.
وأكد الطباع أن الاتحاد كأحد مؤسسات العمل العربي المشترك يهدف ضمن جهوده الحثيثة نحو الخروج بتوصيات وحلول عملية تحاكي التطورات والتغيرات في الهياكل الاقتصادية التي أحدثتها الجائحة، ليصبح الاقتصاد أكثر مرونة وأفضل استجابة لأي صدمات مستقبلية غير متوقعة دون إحداث اختلالات جوهرية في الأنظمة الاقتصادية وبما يساهم في تسريع عملية التعافي الاقتصادي، إلى جانب إبراز تأثيرات جائحة فيروس كورونا على عدد من القطاعات المحورية على المستوى العربي وتسليط الضوء على أحد أهم الأزمات الدولية الحديثة وغير المسبوقة.
وكان الاتحاد قد رفع للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية عدداً من التوصيات وقد ركزت هذه التوصيات على أربعة محاور رئيسية. تناول المحور الأول منها تحليل مدى تأثير جائحة فيروس كورونا على القطاعات الاقتصادية في الوطن العربي، بينما استعرض المحور الثاني الإجراءات التي اتخذتها الدول العربية للمحافظة على اقتصادها من التدهور، وتناول المحور الثالث مدى قدرة القطاعات الاقتصادية في المنطقة العربية على التعافي، وركز المحور الرابع على عرض حزمة من التوصيات والمقترحات التي من شأنها المساهمة في تحقيق التعافي الاقتصادي على المستوى العربي.
وأشار الطباع إلى أن الاتحاد قام بتحليل تأثيرات جائحة فيروس كورونا على مختلف الجوانب الاقتصادية منذ بدء الجائحة إلى يومنا هذا، مع التركيز على عدد من الجوانب الاقتصادية التي يرى الاتحاد من وجهة نظره أن لها أولوية وأهمية خاصة، وهي السياحة والنقل، الأسواق المالية، الاستثمار، التجارة الخارجية.
وركز الاتحاد على تحليل أهم التحديات التي تواجه الدول العربية نتيجة الجائحة، والتي من أهمها تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة في الدول العربية، وتزايد عجز الموازنات وتأثر حركة التجارة العربية البينية وتراجع حجم الاستثمار العربي البيني كذلك، إلى جانب التحديات المتعلقة بتحقيق الأمن الغذائي.
كما وتضمنت التوصيات تحليلاً قطاعياً لتأثيرات جائحة فيروس كورونا مع التركيز على أبرز وأهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الوطن العربي، كما تضمنت حزمة متنوعة من التوصيات التي تؤكد على ضرورة العمل على إعادة بناء الاقتصاد في الوطن العربي ليتمكن من تحمل وتلقي الصدمات بشكل أفضل، وذلك من خلال تبني خطط تعافي اقتصادي تزيد من متانة الاقتصاد وتمنحه مرونة أكبر خاصة مع ظهور أوبئة جديدة وأزمات عالمية بين الدول تؤثر على الاقتصاد العربي بشكل مباشر وغير مباشر، مع التركيز على التنمية الاقتصادية المستدامة ومحاورها الأساسية.
وذكر الطباع أنه تم تقسيم التوصيات إلى قسمين؛ الأول تضمن توصيات عامة، والثاني تضمن توصيات على مستوى القطاعات، مع التركيز على الأسواق المالية، والقطاع السياحي، والتجارة والاستثمار، والقطاع المصرفي العربي.
ومن ضمن هذه التوصيات التأكيد على أهمية تشجيع الصناعات الدوائية العربية، وتسهيل تسجيل الأدوية المصنعة في إحدى الدول العربية لدى باقي الدول الأخرى على المستوى العربي لإتاحة نفاذها بشكل أفضل إلى الأسواق، وتوجه الدول العربية نحو التعاون المشترك في سبيل تحقيق الاكتفاء الغذائي وتوفير الأمن الغذائي، وذلك من خلال بناء برامج عمل مشترك تستهدف التعاون في تحقيق التكامل الغذائي وتقليل فجوة الغذاء، خاصة في ظل الأزمة الروسية-الأوكرانية وتداعياتها السلبية على الأمن الغذائي العربي.
كما وأكد الطباع أهمية التوجه نحو تطبيق سياسة الاعتماد على الذات في الإنتاج، بمعنى التوسع الحقيقي في بناء صناعات تكاملية عمودية، وبناء سياسات الحوافز الاقتصادية حولها، وهذا ينطبق أيضاً على الصناعات الغذائية وتبني سياسات تطوير أكثر تقدماً في تكنولوجيا وأساليب الإنتاج.
وفيما يتعلق بالتوصيات على المستوى القطاعي، أكدت التوصيات أهمية العمل على معالجة الصعوبات على مستوى الاقتصاد الكلي والتصدّي في الوقت نفسه للقيود المتزايدة على صعيد الموارد الطبيعية، وذلك من خلال التوجه نحو الابتكارات التكنولوجية، والتعاون وبناء الشراكات في المنطقة، ودعم القطاع الخاص، وتطوير الصناعات الغذائية الإقليمية المستدامة.
إضافة إلى أهمية تعزيز الأسواق المالية في الوطن العربي وتوجيه السياسات بشكل أكبر نحو تطوير أداء البورصات العربية وتحليل المخاطر التي أحدثتها الجائحة والعمل على رفع كفاءة عمل الأسواق المالية، مع التركيز على زيادة ثقة المستثمرين في الأسواق المالية العربية ومحاربة أثر الشائعة السلبي والمعلومات غير الصحيحة وتعزيز دور المعلومات الإيجابية لتشجيع المستثمرين على الاستثمار.
وفيما يتعلق بالقطاع السياحي، أكد الطباع أهمية التوجه نحو تشجيع السياحة الداخلية والإقليمية في الوطن العربي مع العمل على تقديم منتجات سياحية جديدة ومتنوعة وبعيدة عن الأنماط السياحية التقليدية للمساهمة في تحفيز الطلب المحلي بشكل عام والطلب السياحي بشكل خاص.
وفيما يتعلق بالتجارة والاستثمار على مستوى الوطن العربي، فأكد الطباع أهمية التوجه نحو بناء استراتيجيات لتنويع سلاسل الإمداد للحد من تقلبها نتيجة الظروف الطارئة وغير المتوقعة وإيجاد أسواق بديلة بتكاليف معقولة، وإعادة النظر في أنظمة وإجراءات الحوافز الاستثمارية لجعلها أكثر كفاءة وتقليل التشوهات الاقتصادية الناتجة عن تطبيقها.
كما بين الطباع ضرورة العمل على تطوير القطاع المصرفي العربي، وذلك من خلال دعم عملية الانتقال إلى الخدمات المالية الرقمية الموجهة نحو رفع مستوى الشمول المالي التي تتيح إمكانية فتح الحسابات عن بعد من خلال استخدام الهوية الرقمية والعمل على توسيع البنية التحتية وتطوير نوعية الخدمات المالية والرقمية.
كما وشدد الطباع على أهمية دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وإيلاء المزيد من الاهتمام لها وذلك لضمان استمراريتها من خلال التوجه نحو تخفيض الأعباء الضريبية عليها وتوفير التمويل اللازم لغايات دعم الإنتاج والنفقات التشغيلية.
إضافة إلى أهمية مواصلة الإصلاحات من قبل واضعي السياسات في اقتصاديات الأسواق الصاعدة والاقتصاديات النامية، والتي من شأنها التخفيف من حدة التأثر بصدمات السلع الأولية وتحد من أوجه التفاوت وعدم المساواة وتعزز كذلك من تأهب الدول العربية لمواجهة الأزمات.
وبين الطباع أن اتحاد رجال الأعمال العرب قد عرض تلك التوصيات في اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي خلال شهر تموز من خلال مشاركة طارق حجازي الأمين العام المساعد لاتحاد رجال الأعمال العرب في تلك الاجتماعات، والذي بين أنه وبسبب تفشي فيروس كورونا عانى الوضع الاقتصادي في الدول العربية من أزمة معقدة ومركبة تفوق أزمة عام 2008، وهي الأزمة الأخطر منذ أزمة الكساد الكبير 1929، خاصة وأن الأزمة العالمية الراهنة زادت على أثرها معدلات الفقر والبطالة في الوطن العربي، كما وتأثرت سلباً مختلف المؤشرات الاقتصادية والاستثمارية خلال عامي 2020-2021، سواء معدلات النمو، الإنتاجية، حركة التجارة الدولية، أنشطة الاستهلاك والاستثمار وأنماطها، نشاط قطاعات السياحة والطيران، وغيرها العديد من المتغيرات الاقتصادية. وأكد حجازي على أن التكامل الاقتصادي العربي يعزز من مناعة الاقتصاد العربي في مواجهة الصدمات المستمرة والمتلاحقة، مما يستدعي التوجه بخطوات جادة نحو تحقيق المزيد من الشراكات الاستراتيجية على مستوى الدول العربية.