دعا رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب حمدي الطباع الى عقد قمة اقتصادية عربية طارئة تكون قراراتها ملزمة للحكومات لتنفيذها. وطالب الطباع في مقابلة مع وكالة الانباء الاردنية (بترا) بضرورة إشراك مؤسسات القطاع الخاص العربي بإعداد جدول اعمال القمة، مؤكدا أن الربيع العربي اذا لم يستثمر لصالح شعوبنا فقد «يتحول لخريف نحن في غنى عنه».
وبرر الطباع دعوته بالقول إن القمم العربية دائما مشغولة بالسياسي فيما القضية الاقتصادية ثانوية وعلى الهامش ومزاجية لدى بعض الدول ولا تلتزم بها، مؤكدا أن العرب في ظل توفر الأموال يحتاجون الى الادارة والرؤية.
واستذكر في هذا السياق مبادرة أمير دولة الكويت بإنشاء صندوق لدعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة خلال قمة الكويت الاقتصادية برأسمال ملياري دولار ولكن لم نر اية نتائج ملموسة لتنفيذه على ارض الواقع بالرغم من أهميته لتوفير فرص العمالة ومحاربة البطالة. وشدد الطباع على ضرورة ان تقوم الدول العربية بدفع باقي مستحقات الصندوق البالغة حوالي 750 مليون دولار، داعيا لإشراك مؤسسات القطاع الخاص في ادارته كونها تمتلك الخبرات والكفاءات اللازمة.
وقال «نحن نعرف أن الدبلوماسية العربية مشغولة حاليا بالهم السياسي لكن المواطن العربي ينتظر من قادته الكثير في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، مشددا على ضرورة الاهتمام بالشأن الاقتصادي وأن تكون الشراكة مع القطاع الخاص ليست موسمية أو مركزية كما هو حالياً».
ويعتقد الطباع أن قطار»الربيع العربي» سيمر على كل الدول العربية كل حسب اوضاعه وبنسب متفاوتة، والعاقل من يتعظ بغيره، مشددا على سرعة إنجاز الإصلاح لخدمة المواطن العربي وتحسين مستوى معيشته وعكس ذلك فإن الحراك الشعبي العربي سيكون أعمق.
ودعا رئيس الاتحاد كذلك الحكومات العربية الى تبني خطة تنمية اقتصادية عربية للسنوات الخمس المقبلة تهدف الى استغلال وتوجيه الموارد المالية والكفاءات البشرية المتوفرة في الوطن العربي في اقامة المشروعات التنموية وتضمن يسر انتقال الايدي العاملة المدربة فيما بينها.
واكد أن الحكومات والقطاع الخاص العربي مدعوون لتأسيس مرحلة جديدة من التعاون والعمل العربي المشترك لنتمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة وإلا سنعاني لوقت طويل وستطال الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية الجميع ولن تستطيع الدول العربية النأي بنفسها عن كرة الثلج المتدحرجة.
واكد الطباع أن الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والعدالة في توزيع الثروات والمكتسبات بات ضرورة حتمية للجميع والا ستشهد الساحة العربية المزيد من الاضطرابات التي تحركها بالأساس المعاناة المعيشية للمواطنين وتزايد الفقر والبطالة المنتشرة بين الشباب العربي التي تصل الى نسبة 18%. ورأى الطباع ان تفادي ذلك يتطلب إعادة النظر بالسياسات الاقتصادية المتبعة وتوجيه الاستثمارات ورؤوس الاموال الى داخل الدول العربية ومحاربة الفساد ومعالجة ضعف الشفافية التي تسببت بهدر ثروات الشعوب.
وقال ان الاقتصاد العربي مر العام الماضي بمنعطفات كثيرة وصعبة، فبالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية وأزمة منطقة اليورو شهد العالم العربي تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية في بعض الدول العربية (الربيع العربي) ما انعكس سلبا على نسبة النمو في تلك الدول وزيادة نسب البطالة والفقر.
وأكد ان هذه التحولات السياسية ادت إلى تباطؤ في الاستثمارات الأجنبية المباشرة وهبوط معدلات النمو، ووقف تنفيذ مشروعات مهمة للتنمية الاقتصادية. وأشار كذلك الى تراجع تعاملات أسواق رأس المال في الدول العربية وتباطؤ الانتاج السلعي والخدمي بمختلف القطاعات الاقتصادية، مذكرا بأن التقديرات تشير إلى ان الدول التي شهدت ثورات شعبية تكبدت خسائر اقتصادية تجاوزت مائة مليار دولار.
ونوه الى أن العالم العربي يحتاج إلى إعادة توزيع الثروات إذا كان يريد أن يكون له موضع قدم على هذه الأرض ككتلة اقتصادية لها وزنها ومكانتها من خلال تعظيم الميزة النسبية لكل بلد عربي حتى يعم الخير على الجميع. وشدد على ضرورة الاستفادة من توفر النفط والغاز لإنشاء شركات صناعية عملاقة تخدم 400 مليون مواطن وتصدير هذه المنتجات إلى العالم في عصر نرى فيه الصناعات الرئيسية تعاني من نقص في السيولة وارتفاع في تكاليف الإنتاج.
واكد الطباع أن امام مجتمع الاعمال العربي تحديات جمة ومسؤولية كبيرة في هذه المرحلة للتعاون في مساعدة الدول التي عانت من الاضطرابات على تجاوز محنتها وتوجيه الجهود لتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار والاستثما�� فيها. ورأى ان حركة الاستثمار في العالم العربي في ضوء «الربيع العربي» ستأخذ مناحي مختلفة، مشيرا الى الدول التي وقعت فيها ثورات شعبية بحاجة الى إعادة تأهيل نفسها اقتصاديا لأن كثيرا من تشريعاتها لم تكن تشجع الاستثمار العربي اضافة الى عدم استقرار الأمن.
وبين أن دول الربيع العربي والتي شهدت تحولات سياسية بحاجة الآن لإقرار تشريعات تشجع الاستثمار العربي بصورة خاصة وهذا يحتاج بعض الوقت.
وقال «الطباع لغاية الآن ليس هناك استراتيجية عربية واضحة المعالم وخريطة استثمارية عربية تفعل الميزة النسبية لكل دولة عربية». وأعرب عن اسفه كون الأموال العربية ما تزال تبحث عن موطن لها في الخارج بالرغم من ازمة الاقتصاد العالمي والوضع المتردي في اوروبا وتبعات ازمة اليورو، داعيا المستثمرين العرب للعودة الى بلادهم والمساهمة في بناء نهضته.
وشدد على ضرورة ان يكون الاستثمار في الدول التي تتوفر فيها ميزات نسبية كالسودان للزراعة ومصر للغزل والنسيج والخدمات والتعليم والرعاية الصحية في الاردن ولبنان، وكذلك ضرورة إنشاء صندوق من قبل الدول النفطية للدول غير النفطية لفترة محددة بهدف دعم استثمارات تخلق فرص عمل خاصة ان الطاقة هي المحرك الرئيس لأي صناعة. وقال الطباع انه آن الأوان للامة العربية ان يكون لها مكان اقتصادي كبير بين دول العالم فهي تمتلك مؤسسات اقتصادية مهمة كالمصارف وبعض الصناعات لو تجمعت تحت مظلة معينة كما ولا بد ان يكون للمنتج العربي الأولوية في السوق العربية.
وبين ما سمي بالتجارة العالمية كان قرارا سياسيا اكثر منه اقتصادي لتهميش الدول النامية وتهميش اقتصاداتها، لافتا الى ان هناك دولا عربية تعاني من هذه الاتفاقية وبخاصة الاردن.
ودعا الى ضرورة تحديث وتطوير البنى التحتية المناسبة للتنمية الاقتصادية والتنمية البشرية على حد سواء والنهوض بالتعليم والرعاية الصحية وتدريب القوى العاملة وإطلاق القدرات الإبداعية للمواطن العربي بتهيئة الظروف المناسبة من عدالة وحرية رأي وتكافؤ الفرص. واكد ان التكامل الاقتصادي العربي ليس حلما مستحيلا ولكن ما نحتاج للإرادة السياسية الصادقة لتحقيقه، مؤكدا أن لا اصلاح اقتصاديا دون ارادة سياسية تؤمن بالعمل العربي المشترك وبوحدة المصير.
وقال الطباع ان فتح ملفات الفساد عربيا سيؤثر سلبا على جذب الاستثمارات ولكن لمرحلة مؤقتة ويجب ان تؤدي الى إعادة النظر بالأطر القانونية والرقابية التي تحكم العملية الاستثمارية بما يؤدي الى اعادة جو الثقة للمستثمرين وان تسود الشفافية والمساءلة حتى يشعر المستثمر بأمان حول استثماراته.
ودعا رئيس الاتحاد الذي يتخذ من عمان مقرا له دول الخليج العربي الى توفير دعم مالي للأردن لمساعدته في مواجهة ظروفه الاقتصادية الضاغطة بخاصة انه يتمتع بعلاقات قوية واخوية ممتازة مع دول الخليج العربي وليس هناك معوقات لاستثماراتهم بالمملكة وهي ناجحة ومصونة وتعطي اولوية على كافة المستويات.
وأشار الى ان العمالة الاردنية في دول الخليج اثبتت كفاءتها وانتماءها لأصحاب العمل في تلك الدول وليس لديها مشكلات ومخالفات ما يحتم ان يكون للاردن دعم اقتصادي خاص في ظل الظروف الصعبة التي تمر عليه.
وقال ان «الأردن يتعرض الآن لأزمة اقتصادية ومالية عميقة بسبب فاتورة الطاقة لارتفاع أسعار النفط وانقطاع امدادات الغاز المصري ما يحتم على الدول العربية النفطية ان تضع في أولوياتها دراسة دعم الاردن بالفاتورة النفطية وعكس ذلك سيواجه صعوبات ستؤثر على دول الجوار بصورة مباشرة وغير مباشرة.