وزعت ادارة المؤتمر العربي الصيني لرجال الاعمال الكلمة التالية التي اعدها معالي امين عام اتحاد رجال الاعمال العرب السيد ثابت الطاهر والتي كانت بعنوان آفاق التعاون العربي الصيني في مجال الاستثمار في البنى التحتية في ضوء التطورات العربية الراهنة حيث قال في كلمته: بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي اعضاء اتحاد رجال الأعمال العرب وقطاع الأعمال العربي الأهلي عموماً يسعدني أن أشارك في الدورة الرابعة لمؤتمر رجال الأعمال العرب مع هذه النخبة المتميزة من رجال الأعمال العرب والصينيين حيث سأقوم بإلقاء بعض الضوء على “آفاق التعاون العربي الصيني في مجال الإستثمار في البنى التحتية في ضوء التطورات العربية الراهنة”
حيث يشهد العالم العربي أجمع منذ نهاية العام الماضي اوضاعاً سياسية وإقتصادية وإجتماعية وامنية صعبة وغير مواتية أدت إلى تدهور الأوضاع الإقتصادية في جميع البلدان العربية التي شهدت وتشهد حراكاً سياسياً وإضطرابات داخلية تمثلت في تدمير جزء كبير من البنى الأساسية والمرافق العامة والمباني الحكومية وتراجع معدلات النمو الإقتصادي وتراجع تدفق الإستثمارات العربية البينية بشكل كبير وكذلك الإستثمارات الخارجية الدولية سواء من المنظمات الدولية أو الحكومات او القطاع الخاص نتيجة تفاقم مشكلة الأوضاع الإقتصادية في أوروبا وأمريكا وسيادة حالة من الإنتظار والترقب من جانب المستثمرين لما ستسفر عنه الأوضاع السياسية والأمنية في الوطن العربي والمنطقة والعالم بشكل عام.
وفي مقابل هذه الصورة القاتمة هناك اقتصادات الصين وروسيا والهند والبرازيل وغيرها تشهد ازدهاراً ونمواً وبمعدلات مرتفعة تفوق مثيلاتها في الإقتصادات الأمريكية والأوروبية والعربية وبالتالي ارتفاع مساهمتها بصورة كبيرة في الإقتصاد العالمي لجهات المال والتجارة والإستثمار.
واضاف الطاهر بالرغم من كل ما تشهده حركة التبادل التجاري بين الصين والدول العربية والتي وصلت إلى 145 مليار في عام 2010، فإن حجم الاستثمارات المتبادلة بين الطرفين ما زالت دون الطموحات ولا سيما في مجال الإستثمار في مشروعات البنية التحتية التي تعتبر شرطاً لازماً ورافعة للنمو الإقتصادي ومحفزاً للتنمية المستدامة وخادمة وداعمة للقطاعات الإنتاجية من صناعة وزراعة وسياحة وغيرها.
وعلى الرغم من أن عقود المقاولات الصينية في البنية التحتية في الوطن العربي بلغت خلال الثمانية اشهر الأولى من العام الماضي حوالي 13.76 مليار دولار فإننا نأمل من هذا المؤتمر أن يعطي الإهتمام اللازم لتدفق الإستثمارات العربية الصينية وفي الإتجاهين وتوجيه جزء هام منها نحو مشروعات البنية الأساسية من نقل وإسكان وطرق وسكك حديد وموانئ وإتصالات ومطارات وسدود ومشروعات المياه والصرف الصحي ومشروعات الري والقنوات والترع والمستشفيات والمدارس والجامعات والفنادق والمدن الرياضية وبما يخدم المصالح المشتركة والتعاون الثنائي العربي ويدفعها نحو آفاق أوسع وأرحب.
وقال امين عام اتحاد رجال الاعمال العرب إن مما يعزز القناعة في ضرورة تدعيم ألشراكة العربية الصينية هو توفر عناصر ونجاح هذه الشراكة فبعض الدول في الوطن العربي تمتلك فوائض مالية تبحث عن منافذ استثمارية في الوطن العربي وخارجه مع وجود عمالة ماهرة ورخيصة نسبياً، وإلى جانب ذلك هناك في الصين أيضاً فوائض مالية وخبرات وكفاءات بشرية وتكنولوجيا ومتخصصين يحتاج إليهم الوطن العربي ، وهناك فرص استثمارية واعدة ولا سيما في تنفيذ المشروعات الكبرى في ظل انسحاب المقرضين الأوروبيين لهذه المشاريع في الشرق الأوسط وتضاؤل قدرة الحكومات العربية غير النفطية على الإقتراض من الأسواق المالية العالمية ، آخذين بعين الإعتبار الخبرات والتجارب التي اكتسبتها الشركات الصينية في الوطن العربي منذ وقت طويل.
واضاف ومن قراءة واقع الإقتصادات العربية والصينية في الوقت الراهن فيمكن تشخيص هذا الواقع باختصار وإقتراح ما يلي:
1- إن تدمير جزء من قطاعات البنية الأساسية في دول عربية عديدة يوفر فرصة للمشاركة الصينية في تعاون فعال في إعادة إعمار هذه القطاعات .إضافة إلى أن هناك بعض الدول العربية ما زالت بحاجة لتطوير قطاعات البنى التحتية لديها كما في موريتانيا والأردن والمغرب ولبنان.
2- ضرورة مساهمة الإستثمارات الصينية في تنمية قطاع الطاقة العربي بما في ذلك الطاقة النووية لا سيما وأن هناك توجهات لدى بعض الدول العربية لدخول قطاع الطاقة الكهرونووية، إلى جانب إعادة تاهيل قطاعات النفط والغاز في ليبيا والسودان واليمن وسوريا وكذلك شبكات الكهرباء والإستثمار في الطاقة المتجددة علماً بأن الوطن العربي يمتلك ميزات نسبية في هذا المجال.
3- توجيه جزء من الإستثما��ات العربية والصينية نحو مشروعات المياه والري من قنوات وسدود وأنظمة الري الموفرة للمياه لأغراض الزراعة وتحلية المياه ومعالجة المياه العادمة. وكذلك تطوير وتأهيل المدن الصناعية والحاضنات الصناعية والمناطق الإقتصادية الخاصة ومشروعات صوامع الحبوب والتخزين العادي والمبرد والمجمد.
4- إنشاء شركات مقاولات مشتركة عربية صينية عملاقة للإنشاء والتعمير وتنفيذ مشروعات البنية الأساسية في الوطن العربي والصين وخارجهما بحيث تمتلك الأنماط المتقدمة من التكنولوجيا والخبرات الإنشائية المتخصصة في الجسور والأنفاق والموانئ والأبراج وتوفير الدعم المالي والتسهيلات المصرفية لهذه الشركات.
5- هناك مجموعة كبيرة من المشروعات المشتركة العربية في مجال البنية الأساسية كمشروعات الربط السككي والربط الكهربائي ومشروعات أنابيب النفط والغاز والمياه والطرق السريعة العابرة للدول العربية وغيرها يمكن تنفيذها من خلال التعاون الصيني العربي المشترك وبمساعدة الحكومات والأجهزة المصرفية لدى الطرفين مما يرسخ المصالح الصينية العربية المشتركة ويعمل على نقل الخبرات واستيعاب جزء من الفوائض المالية لدى الطرفين في مناخات استثمارية آمنة وبعيدة عن المخاطر ولا سيما أموال الصناديق السيادية العربية التي تعرضت لخسائر جسيمة جراء الأزمات المالية المتلاحقة في أمريكا وأوروبا.
6- مما لا شك فيه أن هناك آفاق واسعة للتعاون العربي الصيني في قطاع الصحة وبشكل خاص مستشفيات الطب الحيوي وكذلك في مكافحة التصحر واستصلاح الأراضي وحفظ البيئة والتخطيط الحضري وتدوير النفايات الطبية والنفايات الخطرة إلى جانب معالجة وتدوير النفايات العادية ومكافحة الكوارث الطبيعية والبشرية.
7- تعد فترة الخطة الخمسية الصينية الجديدة أي الخمس اعوام القادمة (2011- 2015) أيضا مرحلة هامة تبشر بآفاق مواتية وفرص مثمرة للتعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية باعتبارها تتضمن عدداً كبيرا من مشروعات البنية الإساسية التي تشكل مناخاً خصباً لعقد شراكات بين القطاعين الخاصين في كل من الصين والوطن العربي ومزج الموارد المتوفرة لدى الطرفين لتنفيذ مشروعات مشتركة وبدعم من حكومات الطرفين.
8- إن تعزيز التعاون الصيني العربي في مجال تنفيذ مشروعات البنية الأساسية يتطلب من الجانبين تسهيل الدخول المتبادل للشركات العاملة في هذه المشروعات وكذلك الشركات الهندسية والإستشارية إلى بلدان الطرفين وكذلك تسهيل دخول رجال الأعمال والعمالة.
في الختام دعا معالي الامين العام الأطراف المهتمة وذات العلاقة بالموضوع من الجانبين إلى وضع الإستراتيجية والبرامج القادرة على إخراج هذا التعاون إلى حيز الوجود وتبني النماذج والآليات اللازمة للتنفيذ وتوفير الموارد المالية والبشرية والتكنولوجية والإدارية واللوجستية المتوفرة لدى الطرفين لوضع هذه المشروعات على الأرض حيث أثبتت التجارب جدوى وفائدة هذا التعاون مع عدم التقليل من المشاكل التي تصاحب هذه الإستثمارات كالمشاكل البيئية والمواد التقليدية المستخدمة في هذه المشروعات. ولم تعد المسافات عائقاً امام التعاون الجدي وتدفق الأستثمارات المباشرة وغير المباشرة.